قطوف من الكتب

بعد تآمره للانقلاب عليه وقتله، الشيشكلي يفرج عن عدنان المالكي بشفاعة رام حمداني

أواخر العام 1952 كان العقيد أديب الشيشكلي رئيس أركان الجيش السوري في زيارة إلى مصر، وأثناء زيارته كان المقدم عدنان المالكي يحضّر مؤامرة للانقلاب على الشيشكلي تنتهي باعتقاله أو قتله على مدرج الطائرة عند عودته من مصر.

ولكن الذي حدث أن أحد الضباط -وهو زهير الصلح- سافر إلى مصر أثناء وجود الشيشكلي فيها وأخبره بأمر الانقلاب.
ولذلك، وبعد انكشاف خطته، ألف المالكي وفداً من الضباط للقاء الشيشكلي عند عودته من مصر، ليتظاهر بتقديم مطالب بعودة الحياة السياسية.

في اليوم التالي، جرى اعتقال عدنان المالكي في مكتبه في الأركان، كما جرى اعتقال بقية الضباط المتورطين في المؤامرة.

بعد ذلك، مكث عدنان المالكي في سجن المزة عدة أشهر من عام 1953. ثم أُطلق سراحه عند انتخاب الشيشكلي رئيساً للجمهورية في تموز من العام نفسه.

وساطة مصطفى رام حمداني للإفراج عن عدنان المالكي

في الكتاب الذي ضم مذكراته، يتحدث مصطفى رام حمداني رئيس الشعبة الثانية عن وساطته الشخصية لدى الرئيس الشيشكلي للإفراج عن المالكي. فيقول:

“استلمت الشعبة الثانية من الرئيس مطيع الجابي في 8 تموز 1953، وقد تم الاستلام والتسليم قبل انتخاب رئيس الجمهورية بيومين. ومساءَ انتخابه هاتفته، وذهبت إلى بيته في قصر الضيافة القديم مهنئاً، واغتنمت هذه الفرصة، وقلت له: لي طلب واحد عندكم أرجو تلبيته، فقال لي: ما هو؟ قلت: إن العقيد عدنان المالكي آمر دورتي في الكلية العسكرية، وأنا أحبه لصراحته، وتحبه أكثر دورتنا لأنه كان شديداً في تدريبنا، فأرجو بمناسبة انتخابك واستلامك رئاسة الجمهورية أن تطلق سراحه مهما كانت غلطته، لأني لم أكن هنا عند توقيفه.

فأجابني: هل تكفله؟
قلت له: نعم، أكفله وعلى مسؤوليتي شخصياً،
فقال لي: اذهب صباحاً إلى سجن المزة العسكري وأخرجه من السجن، وأعاد: (على كفالتك الشخصية)، فشكرته وودعته.

بتّ ليلتي مرتاحاً، فأول عمل لي في الشعبة الثانية كان فيه الخير. وعاهدت نفسي على أن لا أوقف أحداً في هذا السجن إلا الجواسيس. وإذا أراد الشيشكلي أن يوقف أحداً فليفعل ذلك هو، وعلى مسؤولية الشعبة السياسية في قيادة الشرطة المدنية.

اللقاء في السجن

ذهبتُ صباح اليوم الثاني إلى سجن المزة باكراً، وطلبت العقيد عدنان المالكي، فبُهت لما وجدني أمامه، فاندفع نحوي يقبّلني. وكان اللقاء لقاء أخ صغير مشتاق للقائه مع أخ وأستاذ كبير جداً في نظري. وكادت عيناي تذرفان الدموع من الفرح.

جلسنا دقائق، قلت له فيها: البس ثيابك يا أخي، فأنت طليق، وشرّف معي لأوصلك إلى منزلك. فقال لي: ماذا استلمت؟ فقلت له: رئاسة الشعبة الثانية في الأركان العامة، وإني أنوي ألا أوقف مدنياً ولا عسكرياً أثناء خدمتي إلا الجواسيس والخونة. وقد اتفقتُ البارحة مع رئيس الجمهورية على أن نحيل كل شيء يتعلق بالداخل إلى الشعبة السياسية في الشرطة والأمن العام، وأن تعمل الشعبة الثانية في الجيش عملها الحقيقي المتعلق في الجيش وأمنه الخارجي والداخلي فقط.
..
فقال: والله يا أخي مصطفى، إذا كان الشيشكلي سيختار عناصره كلها مثلك، فالشعب لا يريد أكثر من ذلك. فشكرته وأوصلته إلى بيته وهنّأت أهله، وعدت إلى مكتبي مسروراً، وبقيت على تواصل به حتى قبل يوم من الانقلاب على الشيشكلي”.

مذكرات مصطفى رام حمداني – ص 106

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى