وثائق

تقرير أمني عن مقتل العقيد محمد ناصر

مساء 31 تموز/يوليو 1950 تعرضت السيارة التي كان يستقلها العقيد محمد ناصر آمر سلاح الجو في الجيش السوري إلى هجوم من مسلحين أدت إلى مقتل صديقه من دير الزور (عبد الوهاب عاروض) على الفور، بينما نقل العقيد محمد ناصر إلى المستشفى حيث فارق الحياة هناك.

في هذا التقرير الموجه من رئاسة الشرطة اللبنانية إلى وزير الداخلية اللبناني نجد تفاصيل عن القضية. ويتضمن التقرير اتهاماً واضحاً للملك عبد الله ملك الأردن كونه المستفيد من هذا الاغتيال.

ويرى التحقيق أن المفوضية الإنجليزية في دمشق تدخلت لعدم توجيه الاتهامات إلى المقدم إبراهيم الحسيني المسؤول المباشر عن الحادثة. وذلك لتفادي التعرض للشخصيات الكبيرة التي تدير دفة السياسة في الشرق العربي.

نص التقرير

إلى جانب وزارة الداخلية

جواباً على كتابكم رقم 3191/ص المؤرخ في 3/8/1950. أتشرف بالإفادة أن المقدم إبراهيم الحسيني رئيس المكتب الثاني في الجيش السوري سابقاً وصاحب النشاط المعروف كان يحاول بشتى الطرق استمالة المرحوم العقيد قائد عام الطيران السوري. وكان المرحوم يرفض رفضاً باتاً وضع يده بيد المقدم الحسيني الذي يعرف عنه بأنه يعمل لحساب جلالة الملك عبد الله.

وعندما قطع الأمل من إمكان كسب معونة العقيد ناصر قائد الطيران في حال الضرورة، أبلغ ذلك المقدم الحسيني إلى المراجع التي يهمها الأمر في عمّان.

وبعد درس طويل رؤي أن يُقصى العقيد ناصر عن مركزه في قيادة الطيران السوري. وجرّب أعوان المقدم الحسيني إلصاق تهم بالعقيد ناصر فكانت جميعها لا تلاقي أذناً صاغية من المسؤولين في الحكومة السورية.

ولما كانت مصلحة جلالة الملك ترمي إلى زيادة مؤيديه من قادة الجيش السوري. وذلك لتسهيل تحقيق مشروع سوريا الكبرى الذي أخذت السياسة الإنكليزية تغذيه بالأموال والعتاد، فكان لا بد من إقصاء العقيد ناصر من مركزه مهما كلّف الأمر.

وكان أن صدرت الأوامر السرية باغتيال العقيد ناصر لإزاحته من ميدان السياسة وقيادة الطيران العامة. وكان بطل هذه المؤامرة المقدم حسيني بواسطة بعض رجاله من المأجورين.

وقد كاد المحققون السوريون يتوصلون إلى هذه النتيجة لولا تدخل المفوضية الإنكليزية بالأمر بشخص وزيرها المفوض، لأن من شأن ذلك إحداث فضيحة كبرى. وربما تعدت إدانة الأشخاص العاديين إلى التعرض للشخصيات الكبيرة التي تدير دفة السياسة في الشرق العربي.

وهكذا قُيّد المحققون ضمن قيود لا يجوز لهم تعدّيها في القضية التي هزّت سوريا والتي تنبئ بشرّ مستطير لولا تدخّل الإنكليز في اللحظة الأخيرة وإقناع المسؤولين في الحكومة السورية لتفادي هذه الكارثة.

هذا ما توصّل إلى معرفته موظفو الاستعلامات في رئاستنا.

تفضلوا بالاطلاع.
بيروت في 8/8/1950
رئيس الشرطة بالوكالة


وثائق تاريخ سورية

زر الذهاب إلى الأعلى