وثائق

الدكتور توفيق الشيشكلي يرسل كلمة مدينة حماة في تأبين الشهيد عز الدين القسام

الدكتور توفيق الشيشكلي يرسل كلمة مدينة حماة في تأبين الشهيد عز الدين القسام

ولد الشيخ عز الدين القسام عام 1883 بمدينة جبلة بسورية، وتلقى تعليمه فيها، ثم سافر إلى القاهرة ودرس في الجامع الأزهر وتخرج فيه عام 1906. وعاد إلى جبلة وعمل فيها إماماً وخطيباً لمسجد إبراهيم بن الأدهم.

انتقل إلى حيفا بفلسطين عام 1920 بعد احتلال الفرنسيين لسورية، وعمل هناك خطيباً في جامع الاستقلال. بدأ بتكوين جماعة سرية لمقاومة الاحتلال البريطاني عرفت باسم العصبة القسامية. ثم استقر في قضاء جنين بعد تشديد سلطات الاحتلال الرقابة على تحركاته.

استشهد الشيخ عز الدين القسام في العشرين من تشرين الثاني عام 1935في معركة يعبد بقضاء جنين بفلسطين. ونقل جثمانه إلى حيفا حيث دُفن فيها.
مهّد استشهاد القسام لاندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936.

والدكتور توفيق الشيشكلي طبيب عيون، ونائب مدينة حماة في البرلمان السوري وزعيم الكتلة الوطنية فيها، ومن رجال السياسة والصحافة والإصلاح.

أرسل الدكتور الشيشكلي كلمة مدينة أبي الفداء لتلقى في الحفل التأبيني الذي أقيم للشهيد القسام في حيفا بتاريخ 30 كانون الأول عام 1935.

نص الكلمة

أرسل نائب حماة الوطني المعروف الدكتور توفيق بك الشيشكلي الكلمة التالية إلى لجنة تأبين الشهيد المرحوم الشيخ عز الدين القسام ورهطه الشهداء الكرام في حيفا لتتلى فيها باسم مدينة حماة :

ما عمر البشر إلا حلقة من سلسلة تاريخ هذا الكون المليء بأنواع الحوادث وشتى الأمور من عظيم وتافه، وكبير ومفيد، وسار ومكدِّر. فمنهم من سهلت له الأقدار أن يتربع على عرش الملذات وأسرف بالترف والرفاه، فعاش مجهولاً وقضى نحبه غير مبكيٍّ عليه. ومنهم من عانده القضاء وألقى في طريقه العثرات، وحال دون وصوله إلى بغيته بالسهولة المتوخاة. فصمد وكافح واحتمل أنواع الشدائد، وتلقي سهام المصائب بصدره الرحب، وخط الظفر بنفسه بثباته وإقدامه فكان من الفائزين. ومنهم من سهّل الله لهم سبل العيش، وحازوا مكانة رفيعة بين أقرانهم. ولكن نفوسهم الكبيرة أبت عليهم أن يروا بني قومهم أذلاء مهاجَمين في عقر دارهم يتحكم بهم الأغيار ويسومونهم سوء العذاب، ويبيعونهم بيع السلعة الكاسدة. فقاموا وامتشقوا الحسام وسارعوا إلى ميدان الجهاد. ولسان حالهم يردد قول الله (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين). ولم تشأ هممهم احتمال الذل والأذى وهم على بينة بأن (العزة لله ولرسوله وللمؤمنين) وهم مؤمنون بقوله جل شأنه (إن ينصركم الله فلا غالب لكم).

وقد أصلَوا العدو ناراً حامية فكتب الله لهم الشهادة. والشهداء (أحياء عند ربهم يرزقون).
ومن هذه الفئة الصالحة شهيدنا البار الأستاذ المجاهد عز الدين القسام الذي أحيى بعمله عهداً مطوياً سبقه إليه السلف الصالح وتقاعس الأخلاف عن السير على سننه، فاستُعمرت بلادهم وأصبحوا أذلاء في ديارهم. ولولا تفرّق الكلمة وكثرة الأحزاب وتخاذل القوم وتحاسدهم لكتب للقسام الظفر كما كتب السلامة لصاحب الغار عليه الصلاة والسلام. ومع هذا فلا ندامة ولاخوف ولا وجل. فالنصر حليف العرب مادامت كلمتهم متحدة وماداموا جادين في جهادهم مقتفين أثر الشهيد القسام وصحبه الكرام الذين خلّدوا في عصرنا الحاضر خير أمثولة يُحتذى بها بين الأنام.

فيا سكان سوريا الجنوبية ويا سدنة المسجد الأقصى سلاماً وفيراً وعزاء.
إن حماة مدينة أبي الفداء الملك العظيم الذي جاهد في سبيل الله وكان له ولجيشه شرف إخراج جيش صليبي من دياركم المقدسة تشاطركم الأسى وتشارككم في أحزانكم وترجو لكم الظفر العاجل. وهي جدُّ مغتبطة باتحادكم. وقد قيل “باتحاد الكلمة تقوى العظمة”، وما مات حق وراءه مطالب. والعاقبة للمتقين.

حماة في 4 شوال – 1354 هـ / 30 ك1-1935 م
باسم حماة: نائبها الدكتور شيشكلي

كلمة-حماة-تأبين-القسام
الكلمة منشورة في جريدة (الجامعة العربية) المقدسية بتاريخ 7 كانون الثاني عام 1936
زر الذهاب إلى الأعلى