قصة صورةمحطات تاريخية

كلمة الرئيس شكري القوتلي إلى السوريين في عيد الجلاء عام 1946

كلمة الرئيس شكري القوتلي من شرفة السراي في دمشق بمناسبة عيد الجلاء في السابع عشر من نيسان عام 1946

بني وطني:
هذا يوم تشرق فيه شمس الحريّة ساطعةً على وطنكم. فلا يخفق فيه إلا علمكم، ولا تعلو فيه إلا رايتكم. هذا يومُ الحق تدوّي فيه كلمتُه، ويومُ الاستقلال تتجلّى عزّتُه. يومٌ يرى الباطلُ فيه كيفَ تَدولُ دولتُه، وكيف تضمحلُّ جولتُه.

بني وطني:
أرى لزاماً علينا في هذا اليوم التاريخيّ الأغر أن أتوجّه والإكبارٌ يتملّكني والخشوع يملأ جوانبَ نفسي بالتّحيّة والتمجيد إلى أرواح الشّهداء الأبرار الخالدين الأطهار الذين غرسُوا شجرةَ الاستقلال بيدِهم، وسقَوها بكريم دمِهم، فغدت في هذا اليوم المبارك وارفةَ الظلال، أصلُها ثابتٌ وفرعُها في السماء.

يا أبناء الوطن:
إننا نطوي اليوم صفحة الجهاد في سبيل استقلالنا، لنَفتحَ صفحةَ الجهاد لصيانته وجعلِه واسطةً لإسعاد الأمّة ورُقيِّها. وقد تكونُ صيانةُ الاستقلال أشقَّ من الظفرِ به، وليس السبيلُ إذَن بهيِّنٍ ولا يسير، وما هو أمامَ إرادةِ الأمّة بالأمر العسير.وإنّي لَأرجو أنْ نمضيَ في عهدنا الإنشائيّ في مساواةٍ لا تُفرِّقُ بينَ الأديانِ والمذاهبِ، ولا تقيمُ وزناً لعصبياتِ الأعراقِ والطوائفِ. فنحنُ حقاً أمّةٌ واحدةٌ موحَّدةٌ، لا أقليّاتٍ فيها ولا أكثريّات.

يا شباب الأمّة:
إنّكم أملُ الوطنِ المرجَّى لإسعادِه، وعلى سواعدِكم وهمّتِكم يَعتمدُ في تحقيقِ غاياتِه واستعادةِ أمجادِه.

يا بَني وطني:
يطيب لي أن أتحدّث اليومَ بنعمةِ اللهِ عليَّ، وأنْ أُعربَ عمَّا يجيشُ في صدري من الحبورِ، وأحسُّهُ من السّعادة، إذ مدَّ اللهُ في عمري فرأيْتُ وإخواني الذينَ حكم علينا المستعمرُ منذ ربع قرنٍ بالإعدام، لأننا أَبيْنا أن نُقِرّ الأذى، وأنْ نقف على الهوان، وآثَرْناها على استعماره وطغيانه حرباً مقدَّسة لا هوادةَ فيها. رأيْنا اليومَ بفضلِ جهادِ الأمّة وتضحيتِها كيفَ يعودُ الحقّ إلى نِصابِه. ورفعْنا نحنُ بأيدينا العلَمَ الّذي قدَّسْناه، وسنذودُ عن رايتنا بدمائنا، واللهُ على ما نقول شهيدٌ.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى