شهادة عبد الكريم النحلاوي على عصر الرئيس أديب الشيشكلي
شهادة عبد الكريم النحلاوي على عصر الرئيس أديب الشيشكلي
لقاء مصور حاور فيه كل من بسام البرازي وسعد فنصة العقيد عبد الكريم النحلاوي في مقر إقامته بالولايات المتحدة بتاريخ 7 تشرين الأول عام 2018.
الساسة أجرموا بحق البلاد
لقد تآمرت الأحزاب السياسية في سورية على أديب الشيشكلي، لأنه أهملها وشكل حركة جديدة غالبية أعضائها من الشباب. ولم يكن ذلك يروق للسياسيين. كان ذلك بداية تشكل التكتلات المناهضة لحكم أديب الشيشكلي. ويمكنني القول إن فترته كانت العصر الذهبي الذي مر بتاريخ سورية. فمن الناحية الاقتصادية عاشت سورية انتعاشاً مزدهراً. وفي قضايا التسليح العسكري عمل أديب الشيشكلي على جلب صفقات أسلحة حديثة، بعد أن كنا نفتقر إلى أبسط مكونات الجيوش وعتادها. كان الغرب يحظر علينا الأسلحة، فاستطاع أديب الشيشكلي أن يحصل على أحدث أنواع الدبابات وكذلك الأسلحة الفردية، حيث حصلنا على البندقيات الآلية لأول مرة.
أذكر جيداً معرفتي بالرئيس أديب الشيشكلي حين انتدبني رئيس الشعبة الثانية العقيد مصطفى رام حمداني لأكون مرافقاً للرئيس خلال وجوده في حمامات “الحمة”. وكان رحمه الله بسيطاً في حياته، يقضي بعض الوقت في مقابلة السياسيين، ويتابع شؤون الضباط. ويقوم بجولات يتفقد فيها المواقع الأمامية للجبهة. وكانت الدعاية الشائنة التي روجها عنه البعض مفادها أنه كان يزور إسرائيل، ويلتقي بعض قادتها في الجولان، ووقع اتفاقيات معهم. وأنا أؤكد أن كل هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة.
باختصار لقد تآمر ضباط الأقليات الطائفية على أديب الشيشكلي بالرغم من كونه لم يكن هو بالأساس طائفياً في تعامله السياسي ولا العسكري. واستمر تآمرهم على البلد بكل عهودها.
قبل الانقلاب على أديب الشيشكلي، أحسسنا نحن الضباط غير الحزبيين بأن هناك ضغوطاً هائلة على الرئيس، من جماعة الأحزاب، يريدون استلام الحكم بأي ثمن، حتى ولو على حساب دمار البلد. وبعد خروجه كنت شاهداً على صور مؤلمة للغاية من الهرج والمرج في حمص من الضباط المسرّحين، وهم يصانعون قادة الأحزاب، في مشاهد الفوضى العسكرية التي أودت – فيما بعد – بحال البلاد. وقلت في نفسي: هؤلاء الساسة مجرمون بحق وطنهم. وأقول شهادتي لله والتاريخ، إن حكم أديب الشيشكلي لم يكن مثالياً، ولكنه لم يجرم بحق وطنه كما أجرموا. لقد كان الوحيد الذي جلب شباباً مثقفاً ومؤهلاً وغير متحزب (تكنوقراط ) للنهوض بالبلاد، لذلك نهضت البلاد في زمنه بخطوات متسارعة.
تآمر ضباط الأقليات الطائفية على أديب الشيشكلي بالرغم من كونه لم يكن هو بالأساس طائفياً في تعامله السياسي ولا العسكري، واستمر تآمرهم على البلد بكل عهودها.
لقد خرج أديب الشيشكلي من الحكم وهو لا يملك شيئاً. وقد روى لي آمر الشعبة الثانية مصطفى رام حمداني أنه قبيل مغادرته دمشق كان قد وصله مبلغ عشرين ألف دينار كويتي، من أمير الكويت (الصباح)، فسلّمه فوراً إلى مصطفى رام حمداني ليضمه إلى ميزانية المخابرات قائلا له: هذه الأموال ليست من حقي، إنها في عهدتي ولست حراً بالتصرف بها بعد اليوم.
المصدر: كتاب (أديب الشيشكلي: الحقيقة المغيبة) – لِـ بسام البرازي وسعد فنصة