قطوف من الكتب

شهادة عبد الكريم النحلاوي على أحداث جبل الدروز في عهد الرئيس أديب الشيشكلي

شهادة العقيد عبد الكريم النحلاوي (قائد الانقلاب في دمشق على حكومة الوحدة خلال حكم جمال عبد الناصر عام 1961) على أحداث جبل الدروز في عهد الرئيس أديب الشيشكلي. النحلاوي من مواليد دمشق عام 1926 وكان خلال فترة حكم أديب الشيشكلي من ضباط الشعبة الثانية (المخابرات) برتبة ملازم أول مكلف بإعداد التقارير عن أحداث السويداء، وكان من أبرز الشهود عن حركة الجيش وأوامر أديب الشيشكلي خلال تلك المرحلة.

الحقيقة المغيبة

هذه الشهادة مأخوذة من كتاب (الحقيقة المغيبة) لبسام برازي وسعد فنصة حيث التقى المؤلفان بالعقيد النحلاوي عام 2018 في مقر إقامته في الولايات المتحدة.
يقول النحلاوي:

تحركنا من السويداء باتجاه بلدة سلطان الأطرش (القريّا)، ودخلنا القرية، ودخل الجيش بيت سلطان الأطرش، وكان قد ترك قريته وغادر باتجاه الأردن، وهو بيت كبير، وبسيط. ولفت انتباهي صورة معلقة في صدر المضافة لسلطان باشا مع الدكتور عبد الرحمن الشهبندر خلال الثورة السورية 1925، وهما على أحصنتهما، والحصانان واقفان على قوائمهما الخلفية. كان الرتل حينها بقيادة الزعيم رسمي القدسي، وأنا كنت أسير مرافقاً الرتل في سيارة مدنية. وكانت الأوامر التي يعطيها القدسي، كما شهدتها، بأن يطلقوا نيران مدافعهم كنوع من إرهاب الأهالي خلف القرية، ولم يكن هناك ضحايا خلال مسيرة الرتل كما شهدته إطلاقاً. ومشينا من بلدة سلطان الأطرش إلى (صلخد) التي تضم القلعة الأثرية التي بتنا فيها ليلتنا، وانطلقنا صباحاً باتجاه دائري عائدين إلى السويداء. وخلال المسير، دخلنا في وادٍ رهيب من الأحراش والصخور البركانية الضخمة يدعى (الكفر) بين صلخد والسويداء، وما إن أصبحنا في وسطه، حتى انهال علينا الرصاص بكثافة من أطراف الوادي ونحن محاصرون في باطنه. وكنت واحداً من العسكريين الذين غادروا السيارة والتجأوا إلى الصخور محتمين بها. وبقينا على هذا الحال من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الرابعة عصراً، نتلقى صليات الرشاش المرتفع بالرمي (الضام) كما يسمى على أرتال العسكر. وكان معنا عدنان مراد على رأس كتيبة مصفحات (PTR) تحت إمرة رسمي القدسي الذي كان المقدمة. وبالطبع حصل إطلاق نار متبادل، حتى الرابعة مساء، حينما بدأ هبوط الضباب على الوادي. جاءت الأوامر من القدسي بالتحرك فوراً ومتابعة الطريق إلى السويداء. ووصلنا دون خسائر إلى السويداء، بعد أن انتهت المعركة، حين أمر رسمي القدسي بتوجيه المدفعية على مصدر نيران الرشاش، فقام بنسفه وسكتت النيران.

شاهدت البعض من الجنود والضباط يحملون بعض المنهوبات، وقلت لفيصل الحسيني، وكان قائد فوج من حمص، “هذه المنهوبات يجب أن تعود إلى أصحابها“، ورحت أتجول بين السيارات وأجمع الأغراض، وأقوم بتسليمها لمدير نادي الضباط في السويداء، على أن يقوم بإعادتها إلى أصحابها. انتهت الثورة في جبل الدروز بعد لجوء سلطان الأطرش إلى الأردن. لا يمكنني الادعاء بأن رسمي القدسي قام بالعملية لأسباب طائفية أو تجاوز الحدود العسكرية لمهامه، وهو شاهد بعض المنهوبات واستاء، وأمر بإعادتها. وكنا متفقين بأن ذلك هو موقفنا جميعاً حتى لا يدّعي علينا أحد بأن الجيش قام بعمليات سلب ونهب للمدنيين.

لم تقصف أي قرية بالمدافع وعدد القتلى 15 شخصاً

وكان أديب الشيشكلي يتابع العملية من الطائرة ويوجه بأوامره إلى رسمي القدسي، ولكنني أشهد بأنه لم يكن هناك قصف بالمدافع لأي قرية من قرى الجبل، ولم يتجاوز عدد القتلى الذين سقطوا في معارك جانبية خمسة عشر شخصاً، وكل ما أشيع بغير ذلك، عار عن الصحة بحكم شهادتي”.

اقرأ أيضاً

شاهد أيضاً

https://www.youtube.com/watch?v=uDjIxRE5EgU

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى